Saturday, June 6, 2015

الجامعات التونسية في ذيل الترتيب العالمي.. لماذا؟


الجامعات التونسية في ذيل الترتيب العالمي.. لماذا؟: «الشروق» تكشف أسباب الاخفاق ...



٭ تونس ـ «الشروق»:
تناقلت بعض الصحف الالكترونية ومواقع الحوار الاجتماعي باستغراب وازدراء تذيّل الجامعات التونسية للترتيب العالمي لأحسن الجامعات الذي تصدره جامعة شنغهاي إذ حلت جامعة سوسة في المرتبة 6719 فيما حصلت جامعة جندوبة على المرتبة الأخيرة 8408.
ومرد هذا الاستغراب ان جامعتنا التي مضى على بعثها أكثر من 50 عاما حلت بعد جامعات آسيوية وافريقية وعربية لم يمض على تأسيسها غير بعض العشريات من السنوات.
وفي الحقيقة فإن هذا التصنيف على قتامته كان منتظرا وكان حصيلة تراكمات ورهانات خاطئة خلال السنوات الماضية إذ تم التركيز على الأهداف الكمية أكثر من النوعية وهو ما أثر على جودة التكوين وخلّف عديد الاشكالات التي مسّت سمعة المنظومة وشهائدها التي تقلّصت حظوظها في البلدان الأوروبية والأمريكية وبات عسيرا على حامل الشهادة التونسية دخول جامعات أجنبية في غير إطار التعاون الثنائي الضيّق.
نوعية الوافدين
أول الاخلالات تتعلق بنوعية الوافدين الجدد على الجامعة التونسية، إذ تؤكد بعض المعطيات أن نسبة الناجحين بالاسعاف تصل الربع وتتجاوزه بكثير في شعبة الآداب، اضافة إلى ما يرافق ذلك من ضعف يكاد يكون عاما في امتلاك اللغات بما في ذلك اللغة العربية أحيانا.
ثاني الاخلالات المرتبط بالأول يهمّ هاجس الوصول إلى 500 ألف طالب في أفق 2014 وهو هدف لم يتم التوصل إليه إذ لم يتجاوز عدد الطلبة المسجلين إلى حدّ الآن 346 ألف طالب رغم توسع الناجحين بالاسعاف في حين تشير التوقعات ان ادراك 400 ألف طالب لن يتم قبل 216 ـ 2017.
ومن الأهداف الكمية التي تم وضعها وعدم الوصول إلى تحقيقها هدف بلوغ 1000 شعبة وهو ما نتج عنه تعدّد المؤسسات الجامعية التي تدرّس نفس الاختصاصات وتمنح نفس الشهائد بتسميات مختلفة.
نقائص إطار التدريس
ومن الاخلالات التي أثرت على جودة التعليم العالي ان قرابة ثلث المدرسين في المؤسسات الجامعية من أساتذة التعليم الثانوي فيما لا تتجاوز نسبة الأساتذة الجامعيين صنف 1 (الدكتورا مع 10 سنوات تدريس) 10٪ وهو ما دفع الوزارة إلى الاستنجاد بالأساتذة المتعاقدين لمواجهة تكثيف الشعب وتوجيه كل الناجحين مهما كانت معدلاتهم إلى الجامعة دون المرور بمراكز التكوين المهني التي تخرّج فنيين سامين مطلوبين في سوق الشغل كما تشكو الجامعات التونسية من ضعف تأطير الجدد والباحثين وعدم التعويل على الوسائل التكنولوجية الحديثة في التدريس.
ويذكر ان الجامعة التونسية ظلت بمعزل عن التعديلات التي شهدتها منظومة التعليم العالي في العالم وفي منأى عن تجارب الدول المتقدمة بتأخرها في اعتماد منظومة أمد (2006).
خريطة طريق للتدارك
الوضع المحيّر الذي بلغته الجامعة التونسية والرغبة في تطويرها إيمانا بأن المرحلة القادمة تقوم على اقتصاد المعرفة والذكاء وعلى صناعة الدقة وذات القيمة المضافة دفعت الرئيس بن علي إلى وضع خريطة طريق للوصول بمنظومة التعليم العالي إلى المواصفات العالمية وذلك عبر ترسانة من الاجراءات والقرارات جاءت في مجلس وزاري انعقد يوم الاربعاء الماضي.
أولى هذه القرارات تتمثل في ايجاد صيغ عملية ملائمة للتقليص التدريجي في عدد المدرسين المتعاقدين وحاملي الأستاذيات وخلق نواة لتكوين المساعدين الأكفاء من حاملي الشهائد العليا (الماجستير فما فوق) وتكوينهم بمدارس الدكتورا التي سيتعزز دورها واعدادها وتجهيزها بالامكانيات البيداغوجية والتكنولوجية وأحسن الأساتذة لاعداد رسائل الدكتورا في آجالها وتشجيع الكفاءات الشابة للالتحاق بسلك التعليم العالي.
كما سيتم تكثيف نسبة الأساتذة من صنف والاعتماد على خبرات الأساتذة المتعاقدين الذين تم التفريط فيهم بإحالتهم على التقاعد إضافة إلى الاعتماد على الأساتذة الأجانب للاستفادة من خبراتهم والانفتاح على تجارب بلدانهم.
كما سيتم تطوير محتوى التكوين في اتجاه الاكتفاء بخمسة مسارات هي التقني السامي والاجازة والماجستير المهني والماجستير البحثي والهندسة والطب والالتجاء إلى التدريس عبر المحامل الرقمية عبر الوصول إلى 30٪ من الوحدات التعليمية لاجازات مرقمنة في أفق 2014.
وتتجه النية إلى التركيز على تدريس اللغات والانسانيات من خلال تدريس بعض المواد باللغة الانقليزية وأساسا في الشعب العلمية والزيادة في عدد قرى اللغات واعتماد التكوين الموازي للطلبة في اللغات.
وسيتم أيضا تكثيف ربط الجامعات التونسية بالجامعات الأوروبية والأمريكية والترفيع في عدد الشهائد ذات الاشراف المزودج (التونسي ـ الأجنبي) إضافة إلى ابرام عقود شراكة مع المؤسسات الاقتصادية لتمكين الطلبة من اجراء تربصاتهم بها للاطلاع على سير العمل والاستفادة من خبرات الصناعيين والمهنيين العاملين هناك.
تقييم ومحاسبة
الفترة القادمة ستشهد ارساء نظام للتقييم والمحاسبة ضمانا للجودة باخضاع كل المؤسسات الجامعية العمومية والخاصة للتقييم الدوري لبرامجها التكوينية ووسائلها البيداغوجية من قبل هيئة وطنية مستقلة.
وكانت ثقافة التقييم والاصلاح غائبة عن المؤسسات الجامعية إذ لا تقيّم نفسها ولا يقيّمها أحد فيسود شعور الرضا عن النفس.
وستتحول المؤسسة الجامعية إلى كائن علمي مستقل له بعض الصلاحيات خاصة وهي مقبلة على اعتماد نظام جديد لتقييم مكتسبات الطالب حسب المواصفات العالمية بما يسمح من معرفة امكانياته العلمية بدقة في كل مرحلة.
تعديلات في الثانوي
وقبل ذلك سيشهد التعليم الثانوي تعديلات بغية دعم التناغم والتنسيق بين وزارتي التربية والتعليم العالي بتوجيه نصف التلاميذ انطلاقا من 2014 إلى التعليم التقني ولتوجيه نصف الناجحين في الباكالوريا وانطلاقا من 2018 إلى منظومة التكوين المهني والمعاهد العليا للدراسات التكنولوجية.
كما سيتم تكثيف تدريس الانقليزية والفرنسية لدعم امتلاك اللغات الأجنبية وتيسير الدخول إلى أسواق تشغيلية كبرى تتطلب امتلاك الانقليزية خاصة.

٭ نجم الدين العكاري

No comments:

Post a Comment